2008-02-21

اعتذار


أعتذر "لأحبائي"
لأني بكيت في وقت فرحهم ..
وضحكت في وقت ألمهم ..
وأطلقت صرخاتي في لحظة هدوئهم ..
وصمت في لحظة مشاركاتهم ..
وبقيت في لحظة رحيلهم ..
ورحلت في لحظة اجتماعاتهم ولقاءاتهم ..
واعتذرت لهم في وقت حاجتهم ..
وبدون سبب تركتهم ..

أعتذر "لقلبي"
لأني أتعبته كثيراً في لحظات حبي ..
وجرعته ألماً في لحظة حزني ..
ونزعته من قلبي وبدون تردد لأهبه غيري ..

أعتذر "لأوراقي"
لأني كتبت بها وأحرقتها ..
ورسمت الطبيعة عليها ..
وبدون ألوان تركتها ..
وفي لحظة همومي وأحزاني لجأت إليها ..
وفي لحظة فرحي وراحتي أهملتها ..
وعندما عزمت الاعتكاف عن الكتابة مزقتها وودعتها إلى الأبد ..

أعتذر "للقلم"
لأني في معاناتي أتعبته ..
ولأني حملته الأم والأحزان وهو في بداية عهده ..
وعندما انتهى رميته ..
واستعنت بآخر مثله ..

أعتذر "لخواطري"
لأني جعلتها تتسم بطابع الحزن وبطابع ألألم حاصرتها ..
فلقد أصبح الكل يبحث عنها وعن معاني غموضها في قواميس لا وجود في هذا الزمن لها ..

أعتذر "للواقع"
لأني بكل قسوة رفضته ..
وأغمضت عيني عنه في كل لحظاتي المرة ..
وشكلته بشبح أسود يتحداني بدون رحمة ..
ونسيت بأنه هو مدرستي التي جعلتني أكون حكيمة في المواقف الصعبة ..

أعتذر "للأحلام"
لأني أطرق على أبوابها في كل ساعة ..
وأجعلها تبحر بي في كل مكان أريده ..
فهي من حققت كل أمنياتي دون تردد ..
وهي من أتعبتها معي حينما كبرت وكبرت معي أحلامي ..
ورغم ذلك كله , لا تتذمر وإنما تقول : اطلبي و أنا علي السمع والطاعة ..

أعتذر "للأمل"
حينما رحلت عنه بدون استئذان ..
ولا زمت اليأس في محنتي ومكابرتي ..
ورغم مرارتي وآلامي أقول : بأني أسعد إنسانة ..
فلقد كانت سعادتي الوهمية تكويني في صمتي..
وتعذبني في ليلي ..
دون إحساس الآخرين بي ..
(فعذراً أيها الأمل)

أعتذر "للسعادة"
لأني عشقت الحزن , وحملته شطراً من حياتي ..
وعشقت البكاء , لأني أنفس به عن آلامي ..
وعشقت قول الآآآآه , لأنها تطفئ حرقة أناملي ..
وعشقت الجراح , لأنها أصبحت قطعة أرقع بها ثغور ثيابي ..
وعشقت الصمت في لحظة الألم , لأنها تحفظ لي كبريائي ..
(فعذراً أيتها السعادة لأني أبعدتك عن حياتي)

أعتذر "للزهور"
وخاصة الحمراء ..
لأني قطفتها وهي في بداية بلوغها وتفتحها ..
وحرمتها من العيش في بستانها ..
ثم شممتها ولغيري أهديتها ..
وبعدما لفظت آخر أنفاسها رميتها ودستها ..

أعتذر "للبحر"
لأني عشقته بجنون ..
وطعنته في خواطري بالمليون ..
وأضفت إليه الغدر في هدوئه ..
ووصفته بأنه جميل وهو في قمة جنونه ..
فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة ..
وكان ضحيتها البحر لأني عشقته ..

أعتذر "للقاء"
لأني كتبت عن الرحيل والوداع ..
ولأني جردته من قاموسي ..
ولأني أصبحت خاضعة للقدر ..
فآمنت بالرحيل كثيراً , وبكيت لأجله كثيراً ..
وتناسيت كلمة الاجتماع واللقاء ..

أعتذر "لأمي"
لأنها تألمت عند ولادتي ..
وسهرت على نشأتي ورعايتي ..
فتبكي على بكائي ..
وتسعد عندما تسمع ضحكاتي ..
وتسقم لسقمي ..
وتتعافى بمعافاتي ..
وصبرت وتحملت طيشي وإزعاجي ..
وتجاوزت عن أخطائي ..
وتذكرت حسناتي ..

""اعتذار""
"للحياة" حينما اتهمتها بالقسوة ..
و"للطيور والبلابل" حينما قلت عنها خرساء..
و"للجبال" لأني أنسبها الي ..
و"للدموع" حينما جمدتها بالعين ..
و"صندوق الذكريات" الذي أخرجته بعد دفنه ..


أعتذر "لكلمت أعتذر"
لأني أدخلتها في بحور شتى من الاعتذار..

فشكراً وعذراً..






بقلمي : 
أنـــــــ ـا / أسماء خليفة

" أُنْثَى حَالِمهــ "