آدم وحواء , ثنائي ابتدأت بهم الحياة على ما يسمى بكوكب الأرض , أنجبا أبناؤهما كبرا ترعرعا , ولكن في لحظة ما كانت جريمة البشرية الأولى , جريمة قتل ليست باليسيرة , جريمة ارتكبها أحد أبناؤهما , جريمة ارتكب في أرض يسودها الطهر والنقاء , تكاثرا ليأتي من نسلهما فطرة إبراهيم التي فطر الله جل علاه الخلق عليها , تتابع الأنبياء إلى يوسف وموسى بالتوراة وبعده إنجيل عيسى , لتأتي فتره عاشت فيها البشرية حينها ضياع وضلال جهل مطبق , عبادة أصنام , وأد البنات , أكل الفواحش , قطع الأرحام , جور الأقوياء على الضعفاء , حتى أتى نبينا العظيم , محمد عليه السلام , أتاهم من بين أظهرهم , أتاهم صادقاً أمينا , محباً , رحيما , عفيفاً , أتاهم بكتاب ربه العظيم , ليبدل جاهليتهم إلى فطرتهم , ليبدل نورهم إلى ضياء , لقد بدأ حالهم ليتبدل , قامت غزوات ومعارك في سبيل الدين المجيد , كان هناك قاتل ومقتول , كلٌ يحارب من أجل مبادئه , فلو لم تكن جريمة ولد آدم الأولى لما كانت انتصارات المسلمون الأولى , ولما كان وأد البنات , ولما كانت الكثير والكثير من الجرائم ..
قبيلتي وقبيلتك نسبي ونسبك , ألفاظ اعتدنا عليها منذ الجاهلية ولا زالت , كان النظام القبلي قديما حفظاً للأرض من الجور والظلم والتعدي على الحقوق , كل يحدد أرضه ليحمي أهله وذويه تحت دستور تحفظه القبيلة , كان القتل مبررا إلى حد ما , كان سفك الدم مباحا للمعتدي , لم يتعدى ذلك هذا الدستور سوى في الأعوام ما قبل البعثة لقد وجد ما يسمى بالعصبية القبلية , كان مبررها الوحيد توسع كل فيبله في حدودها , إلى نشبت العديد من المنازعات من اجل التجارة وسرقتها والأرض والحدود , أتى التعليم السماوي , حرم القتل , حرم السرقة , حرم التعدي والجور , ولكن في وقتنا هذا عصبيات وقبليات , لماذا ؟؟ هل هناك تعدي على الأملاك ؟؟ لقد تمسكت بعض القبائل بذلك كتمسك الأم بطفلها الوليد , هل هناك سبب ؟؟ هل هناك مبرر ؟؟ لا شئ من هذا سوى , إنهم أناس عشقوا الدماء , لقد تبدل مفهوم الصراع ليصبح مسلسل من الرعب الدامي لم يعد القتل للمجرم , ولكن المفهوم الحديث له هو : قتل فلان من قبيلتنا , فلنقتل أفضل شباب قبيلتهم ولنتركك الجاني , هكذا يتألمون أكثر , وهكذا حتى يذهب أروع الفتيان , وتترمل النساء , وتتزايد نسبة العنوسه , وليتلاشى الأمن شيئاً فشيئاً , في كل أسرة أصبح هناك قتيل أو قتيلين , في كل أسرة ثكالى , أرامل , أيتام , جياع ..
عندما سألنا هؤلاء لم كل هذا ؟؟ لم يجيبونا سوى برد واحد فقط " وجدنا آباؤنا كذلك يفعلون " ليس لديهم رد ليس لديهم سبب سوى أنهم منذ نعومة أظافرهم وهم يرون هذا , لقد فطموا على أن هذا هو الصواب , هذه الرجولة , هذه سمات الأقوى , ولكنها مفاهيم خاطئة لا تمت لديننا بأية صلة , لقد كانت محكمة القبيلة منذ الأزل تحفظ الدم والمال والعرض وتعاقب المعتدي , ولكن في هذه الآونة لكل قانونه , كثير من القبائل يضربون بقانون الدول التي يتبعونها ويحيون تحت ظلها عرض الحائط , ويسيرون تبعاً لقانونهم الخاص , قانونهم الغاشم الظالم , هذا الأمر الذي يعيدنا نحو الكثير والكثير من العصور المنصرمة بينما يتقدم العالم إلى الأمام ونحن نتقدم ولكن باتجاه آخر , نعم اتجاه لا يتقدم به أحد سوانا , نتقدم إلى الخلف , لنصبح بين عشية وضحاها في المؤخرة , متناسين بذلك كل مبادئ ديننا التي اخذ منها الآخرون ما أخذوا ليتقدموا بها وهي كان من الأولى أن تكون لنا ...
بقلمي :
أنـــــــ ـا / أسماء خليفة
" أُنْثَى حَالِمهــ "