= كنت أراه شخصاً عادياً ذو أخلاق , ماذا حدث الآن !
- ماذا يحدث لك يا عبد الله , هل أعجبت بها !
= ماذا يحصل لك يا فتاة لم تفكرين به الى هذا الحد !
- هل سألتقيها مجدداً ! ولكن كيف وأنا لم أسألها عن اسمها !
= لم لم أطلب منه وسيلة مباششرة للتواصل بدلا عن وسائل التواصل الجماهيرية !
- هل جننت يا ولد || تجذبك فتاة ولا تعرف من هي لمجرد صدفة استمرت لـ 30 دقيقة !
= لماذا أريد أن اراه مجدداً ! ومن المؤكد أن لقائه مجدداً ضرب من ضروب المستحيل !
- لدي الكثير من المعجبات , لم تحدثني كأنها معجبة ! من هي !
= لم اهتم يوماً بمتابعة أعماله بعد انتهاء البرنامج , لم جننت به الآن !
(( حمد لله على سلامة الوصول )) هكذا انتهت دوامة طويلة من الأسئلة على رصيف الوصول , غادر القطار مسرعاً متجها بحقيبته السوداء الصغيرة التي بدت في هيئتها كحقائب كبار المسؤولين , وقبعته الغربية ونظاراته التي اختفى بهما وكأنه لم يكن هو , فهذه الرحلة للإستجمام , ليست لملاحقات المعجبون , انتظر عند باب المغادرة متفحصاً لأوجة جميع البشر , لعلها تمر فيتبعها ليعرف من هي او أين تقيم , ربما نسي ان هناك محطات اخرى توقف فيها القطار وهذه آخر محطاته !
خطواته المتثاقلة بدقات قلبة تقول له تراجع قليلا , ربما لم تخرج من المحطة بعد , أو لربما تأخرت في مغادرة القطار , وبين قوة الجذب تلك قوة منافرة لها تقول له : كُفَ عن مراهقتك أيها الصبي , لقد غادر القطار ولم يبقى بالمحطة سوى منتظروا المغادرة للرحلة القادمة .
لم يغلق ذلك الصوت الصاخب للموسيقى التي كانت تصدح بها سيارة اخية في طريق عودته للمنزل كما هي عادته دوماً , ولم تكن تلك اللهفة في عينية ليحكي عن رحلته , ربما هناك شئ غير صائب , لم ينتبه لي عندما اخذت حقيبته وضعتها في السيارة , ولم يسأل عن اخباري , ولا عن اطفالي وهو يعشقهم ولا يمل ذكرهم وهم اول من يسأل عنهم !!
ابتلع أنفاسه المتسارعة , لا تغادر خياله خطواته الأخيرة على رصيف المحطة , وكلما ابتعد أكثر زاد قلبه لهفة واشتياقاً , ولا تلك الثلاثون دقيقة , ولا ذلك الرصيف , ولا وجوه المغادرون لأحبابهم ولا كيف قابل اخاه , ولا كيف دلف الى غرفته سريعا ليتوسد سريره ويحيا مع ذاته , وهاهو يغادر المنزل بذات الصمت الذي دخله به منذ اسبوعين , وليبدأ من حيث انتهى !
في دقائق الانتظار وعلى رصيف المغادرة وقف متأملاً لتلك الورقة الخضراء في يده , ينظر بجانبه الى الفراغ , هل يمكن أن يجدها تقف الى جانبه مرة أخرى ! اخذ يقلب في وجوه المسافرون جميعا , جيئة وذهاباً لعلها تكون أحدهم , ولكنه ربما بحثٌ خائبٌ في زحمة الراحلين .